موضوع عن الزلزال في المغرب 2024
بحث عن الزلزال في المغرب 2023
ضرب إقليم الحوز التابع لجهة مراكش-آسفي وامتد إلى الأقاليم المجاورة بما
فيها أقاليم تابعة لجهة سوس- ماسة وأخرى تابعة لجهة درعة – تافيلالت، خلَّف
خسائر مادية وبشرية كبيرة بفعل قوته التي بلغت سبع درجات على سلم ريختر،
وبذلك أحدث حزنا عميقا في نفوس وقلوب كل المغاربة؛ وقد كان عمق هذا الحزن
بحجم هول الفاجعة.
وإذا كانت الخسائر المادية والبشرية قد
انحصرت في الجهات الثلاث المذكورة، فإن مناطق أخرى خارج هذه الجهات قد عاشت
لحظات من الرعب والهلع والذعر بفعل الإحساس بالهزة الأرضية؛ مما دفع
بالكثير من الناس إلى قضاء ليلتهم خارج بيوتهم، كما حدث في الدار البيضاء
مثلا، حيث قضى الناس ليلة بيضاء. ولم يقف الإحساس بالهزة عند الدار البيضاء
الكبرى، بل امتد إلى بعض الجهات، كفاس- مكناس مثلا، حيث كان الإحساس بها
أخف من الدار البيضاء بسبب البعد عن بؤرة الزلزال؛ إذ كلما ابتعدنا عن هذه
البؤرة، كلما تضاءل الإحساس بالهزة إلى أن ينعدم تماما.
وما كاد
الخبر ينتشر حتى سادت الدهشة والحيرة في الساعات الأولى بسبب غياب معلومات
كافية عن الحادث. لكن الإعلان عن بؤرة الزلزال وقوته، كان كافيا لتصور هول
الفاجعة. ولما بدأت تصل الأخبار حول الخسائر البشرية وحول الدمار الذي خلفه
الزلزال، غمرت موجة من الحزن والأسى قلوب المغاربة. وكان هذا الحزن يشتد
مع تنامي أعداد الضحايا (عشرات المئات بين الموتى والجرحى).
ورغم
قوة الصدمة وفجائية الحدث، فلم يتأخر رد الفعل الرسمي والشعبي؛ إذ سجل
العالم بانبهار السرعة والفعالية التي تم بها التدخل من أجل إغاثة
المنكوبين، حيث انخرط الجميع، كل حسب موقعه وحسب مؤهلاته وإمكانياته، في
عمليتين متزامنتين وموازيتين (عملية الإنقاذ وحملة التضامن). فرغم وعورة
التضاريس وصعوبة المسالك، ورغم ركام الأحجار من كل الأحجام والأكوام
الهائلة من الأتربة التي أغلقت كل المنافذ، فصعُب الوصول إلى المناطق
المنكوبة، فإن فرق الإنقاذ قد تمكنت من الشروع في عملها بالسرعة المطلوبة
بفضل تضافر الجهود وتعبئة كل الإمكانيات المتوفرة.
وعن الحملة
(والأصح الملحمة) التضامنية للمغاربة مع المناطق المنكوبة، تجدر الإشارة
إلى أنهم هبَّوا عن بكرة أبيهم لمساعدة المنكوبين في حملة تضامنية واسعة
غطت المغرب من أقصاه إلى أقصاه، أو من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى
الغرب. وقد خفَّف هذا التضامن الواسع شيئا ما من قوة الصدمة، وقلص، نسبيا،
من شدة الحزن الذي غمر القلوب وأدماها.
وهكذا، فبمجرد ما تم التعبير
عن الحاجة إلى الدم لإغاثة المصابين، غصت مراكز تحاقن الدم على المستوى
الوطني بالمتطوعين في تلقائية وأريحية لن تجدها إلا في المغرب. وقد أنبهر
العالم من الطوابير الطويلة للمتبرعين بدمهم لفائدة المصابين. ومما زاد من
قيمة ورمزية هذا الفعل الإنساني الجميل، تبرع الملك محمد السادس بدمه كأي
مواطن من المواطنين. صدق من قال: « ملك مواطن ومواطنون ملكيون ».
أما
قوافل التضامن المحملة بالمواد الغذائية والأغطية والأفرشة والخيام
وحاجيات أخرى، فحدث ولا حرج. لقد أبان الشعب المغربي عن معدنه النفيس الذي
لا يصدأ. فحتى الفقراء المعدمون لم يقبلوا أن يبقوا على هامش الملحمة.
فمنهم من تبرع بقنينة زيت ومنهم من تبرع بشيء من السكر ومنهم من تبرع
بغطاء… رغم حاجتهم لما تبرعوا به. ولا بد أن نذكر تلك المرأة التي لم تجد
ما تتبرع به، فأرادت أن تخلع خاتم زواجها لتقدمه للمتطوعين المكلفين بجمع
التبرعات، والذين منعوها من ذلك وقبلوا يديها احتراما وتقديرا لشعورها
النبيل ومعدنها الأصيل. وما هذا إلا غيض من فيض علامات نبل الشعب المغربي
بكل فئاته.